بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى ((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون))
{رسائل }
إلى من تقلدت وظيفة الرسل ....
إلى من أكرمها الله بحمل رسالة التعليم ....
إلى الصابرة المجاهدة في ميدان الدعوة ....
إلى من تحمل هم الإسلام علماً و عملاً ....
إلى من حملها أولياء الأمور أمانة عقول فلذات أكبادهم ....
أبشرك بقوله صلى الله عليه وسلم: { إن الله و
ملائكته و أهل السموات و الأرض حتى النملة في جحرها و حتى
الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير }.
الإدارة :
تتحمل الإدارة المدرسية عبء تسيير دفة المدرسة ، فهي
الموجه الأول و عليها مسئولية عظيمة وجسيمة ، و تقف في
الصف الأول مديرة المدرسة بما حملته من مسئوليات تعليمية و
تربوية و إشرافية ..
فهي أمانة عظيمة ستسأل عنها في الدنيا و الآخرة .
قال صلى الله عليه وسلم : (( إنها أمانة
ويوم القيامة خزي و ندامة إلا من أخذها و أدى الذي عليه
فيها )) . رواه مسلم .
نعم إنها أمانة ملقاة على عاتقها { ابتداء من المساعدة
إلى المعلمات إلى الطالبات إلى
المستخدمات إلى حارس المبنى } .
وكل واحدة من هؤلاء مسؤولة عنها و عن واجباتها و إحسانها و تقصيرها ..مسؤولة عنهم
جميعاً في الدنيا أمام الجهات المسؤولة ، و في الآخرة أمام
الله عز وجل . ولا أعني بما سبق التنفير من تحمل المسئولية و
الهرب منها.. بل إني أهيب بالأخوات الصالحات اللآتي يمتزن
بالحكمة و السياسة أن يقدمن على مسئوليات الإدارة بخطى
ثابتة ، فالمجتمع بحاجة ماسة إلى قيادة رشيدة حكيمة تدير
دفة الأمور بصلاح وحزم و حكمة فهناك أجر عظيم لمن أداها على
الوجه الأكمل الذي يرضي الله سبحانه و تعالى فقد قال صلى الله
عليه وسلم( أهل الجنة ثلاث : ذو سلطان مقسط موفق، و رجل
رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى و مسلم ، وعفيف متعفف
ذوعيال )) .رواه مسلم . و من مسئولياتها التي يجب الوفاء بها و الحرص عليها :
الجمع بين الحزم واللين ،كل في موضعه ، و احترام و تقدير(
الإداريات و المعلمات ) وكسب ودهن و البعد عن التجريح في
التعامل معهن و خصوصاً أمام الطالبات ، و أخذ المشورة و
الرأي منهن و عدم الاستبداد بالرأي امتثالاً
لقوله تعالى{ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ }.
و العدل مع الجميع ، وتوزيع المسئوليات على أهلها دون
النظر إلى قوة شخصية المعلمة أو قرابتها و عدم التهاون مع
المعلمة المقصرة في عملها و الاهتمام بتوزيع الحصص بما
يلائم المادة فلا تكون حصص الدين هي الأخيرة دائماً ، و
التحقق من كل ما تسمع قبل إصدار الأحكام ، و أن لا تلازم
مكتبها و توكل أمر المدرسة إلى المساعدة و غيرها ، و عدم
التساهل بالخروج من المدرسة أثناء الدوام لقضاء حوائجها
الشخصية مما يؤدي إلى إثارة الفوضى في أرجاء المدرسة ،
و عليها_ و هي القدوة _ عدم المبالغة و الإسراف في الزينةو اللباس ،
و الاهتمام بالطالبات و ملاحظتهن في الحجاب و الستر و الحشمة ، فإن الله ليزع
بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ،
و التفتيش الدائم على حقائب الطالبات و عدم التساهل معهن
في ( المحرمات ) و ( الممنوعات ) ، و تشجيع الندوات و
المحاضرات و الحرص على حضورها مع جميع المعلمات و
الطالبات ، و القدوة في اللباس و الحجاب و المظهر ، و من
الأخطاء التي تظهر على القدوة : مثلاً أن تأمر الطالبات
بتقليم الأظافر و تترك لأظافرها العنان ، فتصبح مدعاة
للاستهجان و السخرية :
يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
و هي إن لم تأمرهن فقد فرطت في أداء الأمانه و سيكون حال
المجتمع كما قال الشاعر :
إذا كان رب الدار بالدف ضارباً فشيمة أهل الدار كلهم الرقص
كما ينبغي على المديرة أن تحرص على حفظ الكتب أو الأوراق
التي تحتوي على آيات قرآنية أو أسماء الله الحسنى فلا توضع مع ( الأوساخ ) ، بل ينبغي أن
توضع في أكياس لوحدها و كذلك بقايا ( الطعام ) تحفظ و
تصان في مكان مخصص .
ومن مسئولياتها : السرية في العمل
فلا تنشر أسرار الموظفات اللاتي أبحن لها لتعذرهن في التغيب
أو التأخير عن الدوام ، و كذلك لو حدث تحقيق مع إحدى
الموظفات أو الطالبات ففحوى التحقيق لا تنشره بين
الزميلات .و لا يغيب عنها التنبيه على ( حارس المدرسة )
بملاحظة الطالبات عند الدخول و الخروج . و أن تجعل (
الواسطة ) بينه و بين المدرسة ( زوجته ) و أن لم يتمكن من
هذا فلتكن مستخدمة أخرى مع المحافظة على الحجاب الشرعي
الكامل .
الرسالة الثانية إلى { المساعدة }
لها من أسمها نصيب فهي اليد الثانية لمديرة المدرسة
فعليها مراقبة الله عز وجل في أعمالها ، فهي تقوم بكثير من
الأعمال و تطلع على العديد من أسرار المعلمات و الطالبات
بحكم عملها الوظيفي لأن بيدها الصادر و الوارد و ملفات
المعلمات و الطالبات و بحكم العلاقة المتداخلة مع الإدارة ،
فهي تقوم بتسجيل أحوال الموظفات و الطالبات فلا تكون هذه
المعلومات موضوعاً للأحاديث في المجالس الخاصة و العامة ، و
كذلك ينبغي عليها القيام بواجباتها فيما يجري داخل
المدرسة حسب توزيع الأعمال من الإدارة و تفقد الطالبات حين
غيابهن و من ثم الاتصال على ذويهن للاستفسار عن سبب الغياب
، وعليها أن تحرص على استثمار وقتها فيما يعود عليها
بالنفع في عملها بما وكل لها من عمل ، و إن كان هناك وقت
فراغ فما أجمل أن تقرأ مصحفاً أو تصلي نافلة أو تقرأ كتاباً
مع زميلاتها لتعم الفائدة للجميع وما أجمل البعد عن مجالس
القيل و القال ...
الرسالة الثالثة إلى { المعلمة }
أخاطبك أختي المعلمة ، و أذكرك بفضل الله عليك أن جعلك معلمة
لبنات المسلمين مستأمنة على عقولهن و قلوبهن و أفكارهن ،
يأتون إليك يومياً و لمدة 7 ساعات كالعجينة الطرية بين
يديك تشكلينها كيفما تشائين ، بل هن كالكؤس الفارغة تُملأ
بما ترين ... فيا تُرى كيف هو حالك معهن يا من تقلدت وظيفة
الرسل ؟!
أختي المعلمة ... إن المستمعين لخطبة الجمعة يتأثرون
بكلمات الخطيب و مواعظه ، وهم لم يجلسوا معه سوى دقائق
معدودة ، فكيف بمن يجلس مع معلمتهن الساعات الطوال !! .
ها أنت تجلسين معهن أكثر من آبائهن و أمهاتهن .. بل أذكر
لي أباً يجلس مع أبنائه يومياً ساعتين أو ثلاث أو أماً تجلس
مع أبنائها الساعة و الساعتين تعلمهم أمور دينهم و
دنياهم !! إن وجد فذلك من النادر ... و إذا كان هناك من
يساهم في بناء جزء من جيل فيبني الأجساد مثلاً بالغذاء و
العلاج و الرياضة فأنتِ تبنين شخصية و تنمين عقلاً و تهدين
قلباً بإذن الله .
وإليك هذه التنبيهات علها تكون نبراساً لحياتك :
1/ الإخلاص : إن فقد الإخلاص سبب كل بلاء.قال ابن القيم الجوزي
رحمة الله: إنما يتعثر من لم يخلص وقال بعض السلف : من سره
أن يكمل له عمله فليحسن نيته ، فإن الله عز وجل يأجر العبد
إذا حسّن نيته حتى اللقمة .
وقال رسول الله الكريم : (( إن الله تعالى لا يقبل من
العمل إلا ما كان له خالصاً و ابتغي به وجهه )) .
ثم إن يسر الله لكِ العمل و التوفيق و حسن القبول فلا يأخذك
العجب و الكبر ، بل احمدي الله عز وجل على هذا التوفيق ، و
احرصي على التواضع و التذلل بين يدي الله عز وجل و الدعاء
بأن يرزقك الإخلاص و القبول .
2 / الدعوة إلى الله : وهذه مهمة الرسل قال تعالى { وَمَنْ أَحْسَنُ
قَوْلاً مّمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّه وَعَمِلَ صَالِحاً وَ قَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } .
فيا من حملت و علمت و أخلصت في حمل راية الدعوة إلى الله
أذكرك بقوله صلى الله عليةوسلم : { لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر
النعم } متفق عليه .
بل أين أنت عن حديث الرسول الكريم الذي هو حجة على كثير من
الناس { بلغوا عني ولو آية } أعجزتِ عن تبليغ آية ؟ !
فيا من حملت راية الدعوة : لا تخرجي من منزلك إلا و أنت قد
أعددت في ( ذهنك ) نصيحة أو توجيهاً للطالبات علّها تنفعك
يوم لقائه سبحانه ، أغرسي في قلوب الطالبات حب الله و رسوله r
و الاعتزاز بهذا الدين العظيم و بر الوالدين و الحذر من
المعاكسات و أنها طريق للفاحشة و إغواء شباب المسلمين و
كذلك الحذر من صديقة السوء و سماع المعازف و المسلسلات
الماجنة .....
وإياكِ أن تلقي بكل العبء على كاهل معلمة الدين وحدها ، بل
لتتكاتف الجهود و لتكن كل معلمة على ثغرة من ثغور هذا
الدين ... فالله الله أن يؤتي الدين من قبلها .
و قبل أن نختم قولنا نكتب كلمة نفيسة للشيخ عبد الله بن
جبرين حيث قال : ( على المدرس أن يخلص في عمله و أن يقصد
بأدائه وجه الله تعالى و خوفاً من الحساب الأخروي و أن يعتقد
أن هذا التدريس أمانة بينه و بين الله تعالى فيستشعر الخوف
من الله أن يعاقبه على ما علم منه من التقصير و الإخلال بالعمل
الواجب عليه و يعتقد أن هذا التدريس أمانة قد أئتمنه
عليها ربه و قد وكل هؤلاء الطلاب إليه أمرهم ، و قد أسلمهم
إليه أولياؤهم و كذا أخذ هذه الأمانة من المدرسة .
فالوزارة قد فوضوا إليه هذه الأمانة ووثقوا بأنه سيقوم
بالواجب و أعطوه على ذلك أجراً محدداً ، فعليه الحرص على
أداء هذه الأمانة و عليه أن يشعر بالمسؤولية عاجلاً و آجلاً
فمتى علم بذلك كان عليه أن يخلص في عمله لوجه الله تعالى و
استحلالاً لما أخذه من الراتب و نصحاً للمسلمين و محبته لحصول
الخير لكل مسلم فإن المسلم يحب للمسلمين ما يحبه لنفسه
وولده ، فكما ينصح لأولاده و يتمنى لهم العلم النافع و المعرفة و الفهم و التفوق
فكذلك يفعل مع أولاد أخوانه من المسلمين ،
و حيث أنه موكول إليه هذا التدريس فالواجب عليه أن يخلص
في عمله و لا يحمله على الإخلاص محبة الشهرة أو مدح المشرف
عليه أو نجاحه عند الإدارة أو الخوف من أن ينتقد عليه
المشرف تقصيراً أو خللاً ، بل عليه أن يكون في عمله كله مجداً
نشيطاً مخلصاً في كل الحالات و في جميع الأوقات فأما الذي
يجتهد و يجد في درس واحد وهو الذي يحضره المشرف فإن هذا
يخاف عليه أن يكون من الخائنين أو المرائين بأعمالهم و الله
عليم بذات الصدور ) أ هـ .
و أخيراً أيتها الحبيبة : يا من حملت أمانة التعليم ..
سنوات مضت و سنوات أخرى تمضي من العمر تمر مر السحاب ، ثم
ها أنت تعودين إلى منزلك قد تركت مهنة التعليم .. فلا تكن
تلك السنوات الماضية هباء منثوراً أو أوزاراً على ظهرك ، بل
استفيدي من وجودك في هذه السنوات معلمة و مربية تنالي
بذلك خيري الدنيا و الآخرة .
نريدك و يريدك أهل الإسلام أن تكوني معلمة متميزة لك سهام
من الخير في التعليم و تربية بنات المسلمين ونصرة هذا
الدين ..
وفقك الله لهداه و جعل علمك و عملك و دعوتك حجة لك لا عليك ، و الحمد لله رب العالمين .
